يوم الأحد في ليلة 22 من رمضان المبارك 1437هـ توفيت جدتي المباركة ،
ودفنت في يوم الاثنين المبارك فيه ترفع الأعمال ليلة 23 المباركة من ليالي الوتر في العشر المباركة
أقدمت على أصعب قرار اتخذته في حياتي ، رؤية ذلك الوجه السموح للمرة الأخيرة ..!!
لم أستطع النوم تلك الليلة أتطلع للساعة الثانية ظهراً
الوقت يمر ببطئ قاتل والشوق أثقل كاهلي ،
قلبي يتمزق لفكرة النظرة الأخيرة !
كل ما يجول في خاطري اني أحتاج احتضان قلبها الطاهر للأبد
و أحكي عليها ماحصل أثناء مرضها
أن أشكو لها فاجعة رحيلها ..
* الثانية بعد الظهر :
صوت ينادي:
"حوض 2 عائشة صالح"
(يا لجمال هذا الاسم و وقعه علي)
يداي ترجف وقلبي تسارعت دقاته ، فقد حانت اللحظة !
دخلت عليها بمشاعر لا يسعني وصفها إطلاقاً
مشيت إليها ببطئ يتلبسه الألم
تمنيت ألا ترمش عيني فتنتهي النظرة الأخيرة
احتضنتها الاحتضان الأخير
و طبعت على جبينها القُبلة الأخيرة
بكيت أترجاها "يمه تكفين لا تروحين وتخلينا"
والمُغسله تردد "يابنتي ادعي لها ادعي لها"
حتى اخرجوني منها بالقوة .
( اعتدت انها هي من تدعو لي بدعوتها الدائمة "الله يوفقك ياعمري" كانت تدعو لي أكثر مما أدعو لها ،، جاء دوري الآن !!)
* في المسجد :
نادى الإمام:
"الصلاة على الأموات يرحمكم الله"
نداء كبير ! بحجم فقيدتي احسست بثقل عجيب وحرارة في قلبي بالكاد استطعت اكمال الصلاة
بدأت أتخيل منظر "خوالي" وهم يحملونها على أكتافهم ، رباااه صبرهم أنزل السكينة على قلوبهم ، وصل بي الخيال وهم يضعونها في قبرها ويذرون التراب عليها
إنهرت باكيه فقد ضاقت علي الأرض بما رحبت .
ها أنا اليوم أصلي على حبيبتي
أنا اليوم أستقبل التعازي بعد ماكنت أعزي
أنا اليوم أُصبَر بعد ماكنت أُصبِر
* أول ليلة :
أصابني الذهول لكثرة التفكير
كيف حالها في قبرها ،
اصبحت حبيبتي لوحدها ،
سنعيش بدونها حُسم الأمر !!!
* العزاء :
البعض يطبطب عليك بكلماته بدعواته ولسانه الطيب، والآخر تتمنى لو يسعك طرده !
كأنه قادم لمناسبة سعيدة يضحك مع ذاك ويتمتم بالأحاديث الطويلة جانباً ويشرب فنجان القهوة العاشر، وإن تحدث لا يعرف انتقاء كلماته باسلوبه الفظ
دون أدنى إحترام لمشاعرك
لم يؤثر بي من المعزين إلا جدتي"لأبي" تعزيني باكيه لتقول"انا تعبانة" وكأن سكيناً غُرست داخلي،
قطعة من قلبي تعزيني لفقد قطعة من قلبي وهي مُتعبه..!
* حسرة:
كنت دائما أعتقد اني اقوى من ذلك كله ، لم يخيل لي يوماً اني لا اؤمن وأرضخ للواقع المؤلم ..!
* فقيدتي: ها هي شمس اليوم الثالث من رحيلك شارفت على الإشراق وحفيدتك لم تنم،لسانها يلهج بالدعاء لك
اللهم ارحم حبيبتي واغفرلها واكرم نزلها و آنس وحشتها و نقها من خطاياها كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ،
اللهم اجعل لها من فوقها و من تحتها و من أمامها و من خلفها و عن يمينها و عن يسارها نورا من نورك يا نور السماوات و الأرض وابدلها داراً خير من دارها وأهلاً خيراً من أهلها ويمن كتابها ويسر حسابها وليّن ترابها وطيب ثراها وثبتها على الصراط
اللهم اجعل مرورها على الصراط كالبرق الخاطف وأظلها تحت ظل عرشك يوم لاظل إلا ظلك ولا باقٍ إلا وجهك ولا تحرمها النظر إلى وجهك الكريم واجعل قبرها روضة من رياض الجنة ، واجبر مصابنا وكسر قلوبنا لققدها واجمعنا بها في جنات النعيم
الأربعاء
الخامسة فجراً